الاثنين، 26 يناير 2015

::. تحليل ما جري مع لويس أنريكي .::

لو أردنا الحديث في الموضوع مباشرةً، يجب أن تكون أولى كلماتنا وضع أساسات مشتركة يُبنى عليها محور الحديث، فكرة القدم ليس بالتشجيع وانما بالممارسة، وليس كل ما تراه في أي مجال أمامك وتقيسه (بمقياس عقلك) وتراه منطقيًا فيُمكن القيام به، وهنا نستعرض أهم ثلاثة أساسات لنصل إلى تلك الفكرة:

(الأساس الأول)
الطبيب في غرفة العمليات لو قررنا أن نُدخِل أهل المريض في المنظومة، فستجد ألف مَن يُعدل على الطبيب في عمله بحجة المنطق والمنطقية التي تُبنى على قواعد وأساسات خاطئة..
كل مجال وله قوانين وله أحكامه له مَن يشغله وله من الجمهور والمحبين والمساعدين والمهتمين به ولكن يبقوا في خانة واحدة وهي عدم الاحتكاك الفعلي بالأوضاع الحقيقية والشواهد الفعلية التي رأها مَن يمتهن المجال وكون عليها قراره..
أقرب مثال ألم نرى محللين في كل القنوات الرياضية؟ يحللون كل الأخطاء والمباريات وووو وعندما تأتيهم فرصة التدريب ما الذي يحدث؟! أين تطبيق ما قد سبقت وقولته؟ لماذا تصرفات تأتي على عكس هوى الجماهير؟ الأكثر عندما كانوا لاعبين أيهم هم في خانة التاريخ؟
هم يعلقون الآن على عدم ظهور النجوم وأخطاء اللاعبين، ولكن أليس هم كانوا في مكانهم منذ فترة؟ لماذا لم نرى الأسطورة المتحركة التي لا تقف!!، إذًا مما لاشك فيه إن البُعد عن الاحتكاك بالمجال نفسه وبالوضع القائم والتغييرات الكثيرة التي تطرأ في أي مجال هو السبب..
فأنت لا تستطيع وأنت من مكانك على الكرسي أن ترى حيثيات العملية التي يقوم بها الطبيب وتعلم الشواهد والحالة وكمية البينج للمريض وغيرها من المعلومات لتقوم بدوره وتضع في نفسك الثقة لتوجيه الحكم ‏‎smile‎‏ رمز تعبيري

(الأساس الثاني)
الإنسان بطابعه العام متعجلًا ويحب أن يرى الأفضل دائمًا، هو لا يحب أن يصبر على الوضع في حالة رؤيته لأمر أفضل، مثلًا الحياة عندما تمتلك منزلًا صغيرًا ولا تمتلك سيارة وووو فأنت هنا في موضع الصبر، ولكن إذا أغناك الله ورأيت السيارات الفارهة والمنزل الكبير ووو من المظاهر الجمالية..
ثم أعادك الله لوضعك الأول لن ترجع معها لخانة الصبر، بل ستكون منزعجًا لما عُدت إليه، وستحاول جاهدًا لأن تصل لما كنت عليه، ولكن هل ستستطيع الوصول بنفس الطريقة؟ وكم من الوقت ستسغرق لتصل مرة أخرى؟ هذا الوقت المستغرق لن يمر عليك هينًا بطبيعة الحال..
أنت في كل دقيقة ستمضي لن تستطيع التعايش مع حياتك الحالية، أصبحت مضجرًا أصبحت عاجزًا عن الصبر والتأني للوصول إلى ما كنت فيه مرة أخرى، الأمر ليس معممًا بالطبع، فالله خلق البشر متفاوتين فستجد منا مَن يدرك الأمور ويعلم إن العودة تلزمها صبر جديد كما في الأول..
وبالتالي وضعك الذي وصلت إليه لن تدركه في التو واللحظة أو بطريقة أسرع مما وصلت إليه في المرة الأولى، وانما ستأخذ بعض الوقت بها كثير من الجهد وكثير من الصبر لأنك أصبحت في خانة الصبر مُجددًا بعد خانة الاعتياد.

(الأساس الثالث)
الأخطاء واردة في حكُم أي مجال تمتهنه، أنظر إلى نفسك أولًا قبل توجيه الآخرين على تراعي عملك جيدًا؟ متى آخر مرة أخطأت؟ هل حاولت التدارك؟ هذا الأخير هو الفيصل للحكم على أي مهني يعمل في مجال ما..
المهندس قد يفشل في توقع حسابات أحمال مبنى مُعين، وقد ينهار أثناء البناء أو حتى بعد التسكين!، الطبيب قد يفشل في العملية أو في تشخيص أحد الحالات المرضية، المدرس قد يفشل في إيصال المعلومات للطالب..
أمام كل هذه الأمثلة، سيكون حكم الآخرين بها بناءً على قدرة كل شخص فيهم من تدارك أخطائه، فلا نستطيع أن نلوم على الطبيب في فشل عمليته بسبب دكتور التخدير الذي أزاد جرعة البينج أو المُخدر للمريض قبل العملية مما أدخله في غيبوبة!!
يجب أن نكون متفهمين السبب الحقيقي لكل حالة فشل، وأن نقف رويدًا مع أنفسنا لتحليل سبب الفشل الفعلي لهذا الشخص، فقد يفشل المهندس في بناء المنشأ بسبب معلومة خاطئة من جهة ما!..
التفكير العميق والعمل العملي والممنهج في عقلك الباطن هو الوسيلة الوحيدة التي من خلالها تستطيع الوصول إلى الأسباب التي أدت لهذه النتيجة، فالمعلومات لن تأتي لك بالملعقة، ولكن يلزمك عمل وجهد لتصل للواقع الذي تعيشه الآن.

(الخلاصة)
إذًا يمكننا اسقاط ما سبق على واقع وعالم كرة القدم لنعلم عدة حقائق ربما كانت غائبة لن نخوض فيها الكثير فقد ذكرها الإخوة في كل الصفحات والمواقع الرياضية، ولكن فقط يهمنا التركيز على ما يمكن استنتاجه من كلامنا السابق:
- أنريكي هو المدرب المحتك فعليًا بواقع برشلونة، هو مَن يرى اللاعبين، هو مَن يرى التدريبات، هو المسئول الفني عن اللاعبين وبناء تشكيلته، واقع المسئولية لأي شخص وفي أي مجال تجبره على تغيير نظرته من مقعد الكرسي، فأنت أمامك 22 لاعب لكل منهم قدرات وخصائص فنية، ولهم دوافع ورواتب وشروط واتفاقيات في عقودهم، ولهم جمهور خاص بهم ووو.. لا تستطيع التحرك بـ 11 لاعب فقط دون النظر للجميع، دون المساواة على الأقل بإعطاء الفرصة، وإلا لماذا تغضب من رئيسك بالعمل عندما لا يرى مجهودك ؟!!
- بناء منظومة جديدة وإصلاح أخطاء الفريق أمر ليس بضغطة زر، فمن وضعية برشلونة بالعام الماضي والانهيار الذي حدث بالمنظومة الدفاعية والهجومية، وتدني مستوى كثير من اللاعبين وغيرها من الأمور لا يمكن إصلاحها في وقت قصير.
- اعتياد جمهور برشلونة على الانتصارات والنتائج الكبيرة في عهد جوارديولا خصوصًا في عام 2011 حيث الخماسية التاريخية، والحصول على الجوائز الفردية والجماعية منذ تولي جوارديولا، وبالتالي كان من الصعب أن ندخل في مرحلة عدم التتويج بالألقاب.
- استجابة مشجعين البارسا للأسف الشديد إلى الإعلام، واستجابة إعلام كتالونيا لإعلام مدريد، وهذه تعتبر أكبر مشكلة في نظري، فمن المعلوم أن لويس أنريكي ملقب بالخائن لدى المدريديين، فهو مَن خرج من النادي الملكي إلى كتالونيا ليعشق ويحب هذا النادي، وبالتالي من الطبيعي جدًا أن أي خطأ أو هفوة سيقوم بها ستهلل إعلاميًا وتحت الضغوطات ستنجح مساعيهم في قلب وتغيير نظرة الجمهور لدى أحد لاعبيها المخلصين! وهو ما حدث للأسف الشديد.
الآن.. وبعد سلسلة النتائج الإيجابية ومشكلة الليو المصطنعة، ومن قبلها بيكيه وبيدرو وتشافي وألفيس ومونتويا وغيرهم، لم يعد للصحافة والإعلام كلام كثير أو اختلاق مشاكل، ولكن وفي مباراة ألتشي بدأت بعض الصحف تتحدث لمشكلة جديدة بين اللوتشو وسواريز واجلاسه على الدكة وغيرها من الأمور الهزلية ‏‎smile‎‏ رمز تعبيري والتي لا ينبغي لنا الاستماع لها بالأساس.
لا أطالب كل مَن يشكك بأنريكي بتأييده وانما أطالب صوت العقل فقط للحكم، فمع أول تعثر لا قدر الله ستعود الصحافة مُجددًا لممارسة هوايتها، وسيعاود الجمهور مُجددًا للتشكيك في أنريكي، القاعدة المشتركة لحل هذه الأزمة أن الخسارة مسئولية اللاعبين + المدرب، والفوز مسئولية اللاعبين + المدرب.. في الحالتين اللاعبين أولًا ثم المدرب، مان يونايتد قام بتغيير مويس، جاء فان خال يخسر أيضًا لفترة كبيرة والآن هو بعيدًا عن صراع المقدمة، المشكلة لا تكمن في المدرب بالدرجة الأولى بقدر ما هي من اللاعبين، وبخاصة لو كانوا لاعبين كِبار في عالم كرة القدم..
الفرق الضعيفة ممكن تحميل مسئوليتها فوز أو خسارة للمدرب لأنهم يسمعون الكلام حرفيًا، أما اللاعبين الكبار والنجوم لهم ستايل يجب أن يقدمونه ولا شك إنه لا يوجد مدرب بالعالم سيغير اسلوبهم مهما كان .



شبكة برشلونة العربية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق